في تحول درامي للأحداث، تجد أسواق النفط نفسها في صراع محتدم بين تصاعد الضغوط الجيوسياسية والأسس السوقية الضعيفة. خلق هذا الصراع بيئة تداول متقلبة حيث تستجيب الأسعار أكثر لاحتمالات اضطرابات مستقبلية بدلاً من واقع السوق الحالي.

التوترات الجيوسياسية تدفع أسعار النفط أعلى رغم وجود فائض في السوق.

شهد سوق النفط ارتفاعًا كبيرًا مؤخرًا، مدفوعًا أساسًا بمخاوف جيوسياسية متزايدة. الإنذار الأخير للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى روسيا—مُعطيًا موسكو مهلة 10 أيام فقط لإحراز تقدم في وقف إطلاق النار بأوكرانيا أو مواجهة عقوبات اقتصادية جديدة—أحدث صدمة في أسواق الطاقة. التهديد الإضافي من ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على الدول التي تستمر في شراء النفط الروسي أثار قلق المتداولين بشكل خاص، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بنحو 4% في جلسة واحدة.

تُظهر هذه الاستجابة الحادة القلق المتزايد من أن حوالي مليوني برميل يوميًا من صادرات النفط الروسية قد تتعرض للاضطراب إذا أعاد كبار المستوردين مثل الهند النظر في استراتيجيات الشراء الخاصة بهم. في حين أنه من المرجح أن تحافظ الصين على واردات النفط الروسية رغم العقوبات المحتملة، فإن الأثر الكلي على السوق ما يزال كبيرًا.

المؤشرات الأساسية تشير إلى مخاوف من فائض المعروض في مخزونات النفط الخام.

على الرغم من ارتفاع الأسعار، ترسم المؤشرات الأساسية صورة مختلفة. كشفت بيانات حديثة من المعهد الأميركي للبترول عن زيادة غير متوقعة في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 1.539 مليون برميل، مما يتعارض مع التوقعات الخاصة بتوتر ظروف الإمداد.

في الوقت نفسه، تواصل توقعات الطلب خيبة الأمل. لقد خفضت وكالة الطاقة الدولية بشكل كبير توقعات نمو الطلب لعام 2025 إلى 700,000 برميل فقط يوميًا — مسجلة أبطأ معدل نمو منذ عام 2009. تأتي هذه التوقعات الضعيفة للطلب في ظل ظروف إمداد قوية، حيث يحافظ أوبك+ على مستويات إنتاج مستقرة وتستعد الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج إذا استمرت الأسعار في الارتفاع.

تبقى فنزويلا أيضًا عنصرًا غير محسوم، قد تضيف إلى الإمدادات العالمية في حال تخفيف العقوبات. تشير هذه العوامل الأساسية مجتمعة إلى أنه بالرغم من تحركات الأسعار الحالية، لا يزال التوازن بين العرض والطلب مائلاً نحو فائض العرض.

التحليل الفني للنفط يُظهر تغيرات في توجهات السوق

أدت حركة الأسعار الأخيرة إلى تطورات فنية كبيرة. لقد تجاوز نفط الـ WTI المتوسط المتحرك لـ 200 يوم بنجاح، مما دفع لمزيد من عمليات الشراء الفنية. يتزامن هذا الاختراق مع تحول ملحوظ في توجهات السوق، حيث أصبحت الخيارات الصاعدة تفوق الخيارات الهابطة لأول مرة منذ أسابيع.

تطورت أنماط التداول أيضًا، مع تحول مستشاري تداول السلع من مراكز قصيرة صافية إلى مراكز طويلة صافية. يبدو أن السوق في حالة اكتشاف الأسعار بعد حركة هبوطية كبيرة قبل عدة أسابيع. تكشف مؤشرات الحجم عن ضغط شراء قوي خلال جلسات التداول الثلاث الأخيرة، مما يدعم السرد الصاعد الحالي.

إذا استمر هذا الزخم، قد تتحدى الأسعار مستوى 70 دولارًا. ومع ذلك، إذا استعاد العوامل الأساسية تأثيرها، قد نشهد انعكاسًا، مع احتمال احتواء مستويات الدعم عند 64.73 و60.23 دولارًا لأي هبوط كبير.

أحداث حاسمة تلوح في الأفق لتوقعات أسعار النفط

عدة أحداث قادمة قد تؤثر بشكل كبير على اتجاه سوق النفط في المدى القريب. سيقدم قرار سعر الفائدة المرتقب من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رؤى حاسمة بشأن اتجاه السياسة النقدية، مما قد يؤثر على أسواق السلع الأوسع. بالإضافة إلى ذلك، ستوفر بيانات مخزونات EIA القادمة وضوحًا إضافيًا حول ظروف العرض.

يظل الموعد النهائي لتداولات 1 أغسطس في الولايات المتحدة قائمًا بقوة، وكذلك اجتماع أوبك+ القادم الذي سيحدد مستويات الإنتاج لشهر سبتمبر. سيراقب المشاركون في السوق عن كثب أيضًا المؤشرات الاقتصادية الكلية، بما في ذلك بيانات PMI الصينية، أرقام التوظيف الأمريكية، وقرارات بنك اليابان السياساتية — وكلها قد تؤثر على توجهات الطلب العالمي على الطاقة.

تحليل سوق النفط: هل هو عند مفترق طرق؟

يشير المحللون إلى أن أسعار النفط حالياً تتضمن علاوة مخاطر جيوسياسية كبيرة، مما يدعم قيمها بشكل مصطنع فوق ما قد تمليه العوامل الأساسية. إذا نجحت الجهود الدبلوماسية في تخفيف التوترات، أو إذا تجاوز الموعد النهائي لترامب دون تنفيذ العقوبات المهددة، فقد يعيد السوق تركيزه سريعًا على العوامل الأساسية الهابطة.

في الوقت الراهن، تبقى أسعار النفط مرتفعة لكنها عرضة للهبوط، حيث تعتمد مسارها المستقبلي على ما إذا كانت المخاوف الجيوسياسية أو العوامل الأساسية ستهيمن في نهاية المطاف على نفسية المتداولين. ستكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الارتفاعات الحالية تمثل اتجاهًا مستدامًا أو مجرد انحراف مؤقت عن مستويات الأسعار المبررة أساسياً.

تداول تحركات النفط التالية بحساب Deriv MT5 اليوم.